بابا، غبت وكل شيء انكلب. ما علمتني شلون أعيش بدونك، علمتني شلون أتصرّف، وأتعلّم، وأصير رجال. بس ما علمتني شلون أتجاوزك. كل موقف يصير، أكول لو أنت موجود، جان خلص. لو أنت موجود، چان مشيت الأمور بكلمة وحدة، چان ما صارت الدنيا بهالبرود. ما أعرف منو أسند عليه. ماكو شي ثابت، ماكو ظهر. حتى صوتك صار ذكرى بصوت تعبان براسي. الكل تريدني أكمل، الكل تريدني أصبر. بس محد يعرف شلون أسكت صوتك بداخلي. شلون أمشي والحياة صايرة ثقيلة وناشفة من بعدك. بابا، غبت، بس مخلي وجعي حي. مخلي يومي ناقص، وكل حلم ممسوك من طرفه. ما راح أبچي، ما راح أحچي وأگول اشتاقيت. راح أسكت، مثل سكوتك لما كنت تزعل. وراح أكمل، مو لأن الحياة تهون، بس لأنك أنت علمتني أن حتى الألم لازم نتحمله ومراح أناسك بالدعاء بكل لحضة امر بيه اللهم ارحم أبي رحمة واسعة، واجعل قبره نوراً وسكينة، واغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، واجعل الجنة مأواه، آمين يا أرحم الراحمين.
أبويه، تدري بعدك الدنيا مو نفس الشي؟ كلشي صاير بارد، حتى الضحكة صارت ثقيلة… اشتاقلك بكل لحظة، بكل نفس، بكل يوم يمر وما أشوفك بيه. أبويه، أنت مو غايب، أنت حاضر بروحي، بصوتك، بنصايحك، بضحكتك… بكل تفاصيلك. اللهم، إني أسألك بكل اسم هو لك، أن تجعل قبر أبي روضة من رياض الجنة، لا حفرة من حفر النار. اللهم نوّر له قبره، ووسع له فيه، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب كما يُنقّى الثوب الأبيض من الدنس. أبويه، سامحني إن قصرت، وإن ما گدرت أعبرلك كد حبّي إلك، بس الله وحده يدري شكد أشتاقلك. اللهم، اجعل أبي من السعداء عندك، وارزقه نعيم الجنة، وبلّغني لقاه يوم لا فراق بعده. أبويه، كل دعواتي إلك، وكل نبضة بحياتي مهداة إلك، لأنك كنت كلشي إلي… ورح تبقى كلشي، للأبد.